الحرية لا تعني التعدي على حريات الآخرين

 لقد خلق الله الإنسان حرًا. وبالحرية ميزه عن مخلوقات أخري كثيرة. وقد تغني الناس بالحرية الشخصية. فقال أحد أدباء الغرب: ‘لو انك فقدت كل شيء، ما عدا الحرية، فأنت لا تزال غنيًا’. واتجاه الحرية، يقف ذلك السؤال الشهير: ‘هل الإنسان مسير أم مخير؟’

إن الإنسان مخير في كل ما يفعله. ولكي لا ينحرف بالحرية فيخطئ، زوده الله بالعقل الذي ينير أمامه الطريق، وأيضًا بالضمير لكي يميز بين الخير والشر. كما زوده كذلك بالوصية الإلهية لكي يلتزم بها في كل تصرفات حياته.

والدليل علي الحرية، إن الحرية ترتبط دائما بالمسئولية، فإن لم يكن الشخص حر الإرادة، فلا مسئولية عليه، وان لم يكن حرا، فكيف يلتزم بوصايا الله؟! وما لزوم أمور عديدة ينهاه الله عنها، إن لم تكن له حرية إرادة؟ وإلا انطبق عليه قول الشاعر:

ألقاه في أليم مكتوفًا وقال له        إياك إياك أن تبتل بالماء

عبدالغني النابلسي

يرتكب الخطأ عن طريق اختياره له. وأيضًا إن لم تكن هناك حرية، فلا حساب إذن ولا دينونة في الآخرة ولا ثواب ولا عقاب.

الإنسان إذن مخير لا مسير.. فهل هو مخير في كل شيء؟

طبعا لم يكن أي شخص مخيرًا من جهة البلد الذي ولد فيه، ولا من جهة الجنس الذي ينتمي إليه. ولم يكن مخيرًا في نوع شكله وملامحه، وفي فصيلة دمه، وفي كثير من المواهب التي أعطيت له، أو التي حرم منها.. لم يكن مخيرًا في نشأته، ولا في اختيار أسرته، ولا فيما ورثه عن تلك الأسرة من دم ومن عقل، وأمور اجتماعية..

ولكنه علي الرغم من كل هذا هو مخير في تصرفاته، ومخير في أن يصلح بقدر الإمكان من مستوي نشأته، كما في تغيير مستواه في أمور عديدة.

ضوابط الحرية وحدودها:

إن الإنسان مخير فيما يفعل، لكنه ليس مخيرًا بطريقة مطلقة، إنما تحد من حريته أمور مهمة تنطبق علي الكل. فله أن يستخدم حريته، بحيث لا يعتدي علي حريات الآخرين وحقوقهم، فلا تستخدم الحرية في إهانة الغير، ولا في السب والقذف، ولا أن تبني راحتك علي تعب الآخرين. وليست حًرا في استخدام العنف ضد غيرك.

وهو أيضا حر في حدود الالتزام بالنظام العام، والالتزام بالآداب العامة، وبقوانين البلد الذي يعيش. مثال ذلك فإنه في أكثر البلاد تمسكًا بالحرية، لا يستطيع أحد أن يكسر قواعد المرور وإشاراته، ويقول: أنا حر أفعل ما أشاء!

ولهذا، فإن الذي يتجاوز حدود حريته، ولا يلتزم بالوضع السليم، فإن القانون يلزمه بذلك، والعقوبة تردعه. بل إن حرية الإنسان ينبغي ضبطها منذ الصغر. وهنا يبرز دور  الأسرة في ضبط حرية الطفل، بحكمة، حتى لا ينحرف، وتعليمه قواعد الحرية وحدودها.

 

المقالات ذات الصلة

اترك تعليقاً